19‏/8‏/2015

عن جومانة حدّاد وليساندرو ألونسو والسينما المعاصرة


قبل 6 سنوات، صدرت في القاهرة مختارات شعرية للشاعرة اللبنانية جومانة حدّاد تحت عنوان "عادات سيئة" وكنت حينها مراهقاً في عامه الـ18 منبهراً بجرأة النصوص وكاتبتها. في حديث مع أحد أصدقائي (وهو شاعر وطبيب أيضاً) كشفت عن إعجابي بتلك "الكتابة" فكان ردّ صديقي أنها "بتكتب قصايد مظبوطة وفيها كل مستلزمات قصيدة النثر بس النتيجة بضان من غير روح".

قبل 4 سنوات شاهدت "Fantasma"  للأرجنتيني ليساندرو ألونسو/ Lisandro Alonso قبل أن أشاهد فيلمه التالي "Losmuertos" وتكوّن لدي إنطباع بأن " "Fantasmaفيلم يحمل رؤية كارهة للبشر، وهو إحساس قفلني شوية من الفيلم. ولكن بعد قضاء 78 دقيقة مع فارجاس، تسائلت كيف ستختلف تجربتي معه عن سابقتها، وكيف ستؤثر على رؤيتي لها؟
****
أميل إلى توصيف "Los muertos" بالفيلم "المُهمّ"، لأنه يفتح الباب للتفكير في "تعقيد" السينما الفنية المعاصرة (contemporary art cinema). العديد من الأفلام التي أحبّها تتبع عدداً من "الأعراف السينمائية": لقطات طويلة، كاميرات ثابتة، وجوة تعبيرية، وتجنّب للقطات المقرّبة ولقطات ردّ الفعل، القليل من الصوت غير الموضوعي، وعناية خاصة بالفضاء الفيزيقي (بالتحديد العالم الطبيعي من أشجار وأعشاب وأوراق ومسطحات مائية.. إلخ) حتى أصبح ذلك أشبه بمنهج أو كتالوج. النقّاد والسينيفيللين من ناحيتهم الذين ينتمون لتلك النوعية من الافلام دون غيرها، يبدون الكثير من التسامح -كما أعتقد- تجاه أخطاء تلك الأفلام. مثلاً أتذكر بعد مشاهدتي لفيلم "The Mourning Forest"  لليابانية ناومي كواسي/ Naomi Kawase وقفت وفكّرت: "إذا كان هذا الفيلم يحتوي على كلّ شيء أحبّه في السينما، لماذا إذاً تبدو طريقته في "التجاوز" حسابية بالكامل وفارغة بالنسبة لي؟". نفس الأمر تكرّر بصورة أكثر إزعاجاً في الفيلم الأخير  للمخرجة "Still the Water" وهو ما أحزنني شخصياً على موهبة مثل موهبة كواسي التي أسرتني بباكورتها الإخراجية "Moe no suzaku".

الشيء المهمّ بخصوص "Los Muertos" أنه يستكشف العلاقة بين الشكل والمضمون من خلال إستعمال كلّ إستعارات "السينما التجاوزية" (transcendental cinema) والعبث بها عن طريق أخطاء السرد مع أصداء الخوف أو العنف التي تطبع جوّ الفيلم. شيء يذكّرني بإجابة براين إينو Brian Eno /عندما تمّ سؤاله ما إذا كان يعتبر نفسه أبو موسيقى "New Age"  فأجاب: "لا، موسيقاي تحمل شرّاً بداخلها".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق