11‏/12‏/2015

مشاهدات سيئة في 2015

Very bad bad films: 


 Lost River (Dir: Ryan Gosling)


Youth (Dir: Paolo Sorrentino)


Mortdecai (Dir: David Koepp)


No Escape (Dir: John Erick Dowdle)


Pan (Dir: Joe Wright)


The Gallows (Dir: Travis Cluff and Chris Lofing)


Stonewall (Dir: Roland Emmerich)


Pixels (Dir: Chris Columbus)


Heist (Bus 657) (Dir: Scott Mann)


Aloha (Dir: Cameron Crowe)


Hot Pursuit (Dir: Anne Fletcher)


Serena (Dir: Susanne Bier)


Hotel Transylvania 2 (Dir: Genndy Tartakovsky)


Krampus (Dir: Michael Dougherty)


عيال حرّيفة (إخراج: سيد السبكي)


الجيل الرابع (إخراج: أحمد نادر جلال)


Jupiter Ascending (Dir: Andy Wachowski and Lana Wachowski)


We Are Your Friends (Dir: Max Joseph)


Minions (Dir: Pierre Coffin and Kyle Balda)


True Story (Dir: Rupert Goold)


Child 44 (Dir: Daniel Espinosa)


Bravetown (Dir: Daniel Duran)


The Face of an Angel (Dir: Michael Winterbottom)


Chappie (Dir: Neill Blomkamp)


The Cobbler (Dir: Thomas McCarthy)



The Longest Ride (Dir: George Tillman Jr.)


Unfinished Business (Dir: Ken Scott)

8‏/12‏/2015

"الرئيس" لمحسن مخلمباف.. الثورة بعيون الديكتاتور وحفيده


في وقت مبكر من فيلم "الرئيس" للمخرج الإيراني محسن مخلمباف، نبدأ في إستدعاء مرجعيات وإحالات محددة إلى "بلد غير مُسمّى" ينتهي به الأمر إلى إنقلاب على الحاكم، ويظهر تساؤل حول هذا الراوي العليم الذي يتجوّل بنا خلال ساحة المدينة مبهرة الإضاءة. نعرف أن ثمة عقوبة إعدام أخري على وشك التنفيذ في ظل الحكم الطاغي لديكتاتور هذا البلد، وهو رجل تتم الإشارة إليه فقط عن طريق مكانته المُفخّمة. أثناء التوقيع على أحكام الإعدام يقوم الزعيم المبهرَج بلعبة سخيفة مع حفيده الصغير لاظهار سلطته المطلقة من خلال تغيير الأضواء في المدينة بأكملها على نحو متقطع، ثم بعد ذلك تذهب الأضواء عن نظام حكمه حرفيًا. مع تقدّم الفيلم سيدرك المشاهدين عدم أهمية معرفتهم لمكان تلك القصّة، لأن كل ما يشاهدونه رمزي وهذا البلد غير المحدّد يمكن إسقاطه على العديد من الأمثلة. بدلًا من ذلك، تأتي أحكام الإعدام مثل فرصة للخطابة حول التسلّط والمغالطات الفادحة لغريزة الانتقام.
الرئيس (ميشا جومياشفيلي)، أو صاحب الجلالة كما يفضّل أن يناديه الآخرون، يبدو مغيّبًا وأخر من يدرك أن الاضطراب السياسي الحادّ الجاري في بلده على وشك إنهاء حكايته على كرسي السلطة. بعد مقتل زوج إبنته، يُقتاد إلى خارج البلاد زوجته (إيكا كاخياني) وابنتيه المزعجتين (نوكي كوشكلشيفي وإيلين بيزارشفيلي)، بينما  ولكن يرفض حفيده الصغير (داتشي أورفيلاشفيلي) الإبتعاد عنه. بعد مغادرتهما المطار، تُحتجز الليموزين التي تقلّهما من قِبل المتظاهرين اللذين إحتلّوا الشوارع وتبوء بالفشل محاولتهما للعودة إلى القصر. وأخيرًا، بعد  الإطاحة برجال الرئيس، يتوجّب على الديكتاتور الهروب متخفيًا في الطرق الريفية بينما المكافأة المعلنة عن رأسه تتزايد باضطراد.
على غير عادة وأسلوب المخرج في أعماله المميّزة السابقة، يفرط مخلمباف في الإرتكان إلى الهزلية لعرض موضوعه. وربما يتوقّع المتفرّج عرضًا من المخرج للمشاركة في النكتة الدائرة أو إصراره على عدم السماح لأي تعاطف ممكن من الجمهور تجاه الديكتاتور أو نسله، ولكن هذا لا يحدث أبدًا. وبدلًا منه، نقضي حوالي ساعتين في ميادين مكتظة نتابع سعيًا إنسانيًا للبقاء مع الرجل المسئول عن سنّ كلّ تلك الفظائع الوحشية أو على الأقل غضّ الطرف عنها. وفي حين لا يمكن الإدعاء بالقول أن مخلمباف يسعي لتقديم صورة حنونة وتستدرّ العطف، يبقى الفيلم بورتريهًا مؤنسنًا لرجل يُظهر ما تجلبه السلطة والشهرة من رؤية شمولية للحقيقة والواقع معا. في نهاية المطاف هو مجرد رجل، إنسان، ويمكن للمرء في هذا الصدد إستدعاء فرضيات حنّا أرندت حول إيخمان وتفاهة الشرّ.
 فنّيًا، يظل هناك شيئ مفقود أو غير مكتمل في الفيلم وكأن بعضًا من التحجيم والتراجع أصاب مخلمباف وزوجته وشريكته في كتابة السيناريو (مارزية مشكيني). من المؤكد أن مواجهة نهائية ستجري في مكان بعيد، حيث مصير الديكتاتور المخلوع مرهون بأيدي حشد غاضب من جماهير مقهورة. ولكن وجهات النظر المختلفة حول ما يجب فعله معه وما يعنيه تبدو مثالًا واضحًا على ذلك التحجيم الدخيل على النصّ السينمائي وكأنه كتب مرارًا حتى يأتي على تلك الصورة التي يخرج منها المُشاهد بمورال (moral) مريح. كذلك يبدو الإزدهار البصري للفيلم صامتًا لقلّته وتباعده ويظهر في مشاهد نادرة مثل زمرة من رجال العصابات يتحلقون بهدوء حول صبي صغير لينطلقوا به في سيارة ليموزين، أو مشهد الرقص، المشار إليه باستمرار في الفيلم، حيث يندمج الحفيد مع ماريا زميلة المدرسة. لكن ذلك الوعد سريعًا ما يتبدّد ليعمل الفيلم كدراما خطّية (linear) من أجل البقاء، تكشف فيها بيانات الإذاعة حول الرئيس الهارب مدى قرب أعدائه منه بطريقة كارتونية. وما يمكن الخلوص إليه في النهاية إن الفكرة القائلة بأن جذور التغيير الديمقراطي يمكن أن تكون عنيفة وفاسدة مثل الديكتاتورية العسكرية تصادف في طريقها فكرة أخرى ساخرة ومريرة مفادها إن إكتساب الشعوب لحرّيتها وسعادتها محض أسطورة سياسية تُستخدم فقط لقيادة الجماهير نحو أعماق أسفل.
جومشفيلي، في أدائه لشخصية الديكتاتور، يقدّم دورًا سيحجز مكانًا رفيعًا في مسيرته، ولكن داتشي أورفيلاشفيلي بدوره يسرق العرض من الجميع بأداء طفولي مثالي لا يعيبه سوى المبالغة قليلًا في تصوير فقدانه التدريجي لبراءة الطفولة، ولكنه يبقى أبرز ما في هذا الفيلم الذي أتى كهجاء إستعاري هزلي لا يضاهي أفلامًا أجمل قدّمها مخلمباف وهو يعمل داخل إيران قبل أن يغادرها إلى فرنسا في عام 2005 بعد وصول محمود أحمدي نجاد إلى كرسي الرئاسة الإيراني.


5‏/12‏/2015

أوديسا عراقية.. نشيد الشتات الأخير


ليس غريبًا على الإنسان رغبته في معرفة من أين جاء وتحصّله على هذا الشعور كنوع من حتمية فهم مكانه من العالم. يمكن الذهاب بعيدًا بهذه الفكرة إلى حد القول بأنه في حالة تجربة المهاجرين يمكن لتلك الرغبة أن تكون أكثر وضوحًا،حيث تتفرّع من نقطة الأصل والمنشأ تقسيمات كثيرة إلى أن تصير جزيئات متناهية الصغر بمرور الزمن.
أيًا ممن عاشوا تلك التجربة يمكنهم مطالعة تاريخ عوائلهم بنظرة سريعة وإكتشاف شساعة الإنتماء وجغرافيا القرابة ويمكنهم الشروع بعد ذلك في محاولة تشريح وفحص وإعادة بناء ذلك "البازل" العائلي إلى شكل محتمل متماسك. ربما يجد البعض ذهنه يدفعه بالحاح دائم إلى أشكال ممكنة للقيام بذلك، وفكرة فيلم "أوديسا عراقية" للمخرج سمير نقّاس ليست بعيدة عن ذلك. هناك ما يشبه الخبرة الجماعية العالمية فيما يتعلّق بالهجرة ومصائرها خصوصًا بين الأشخاص الذين يمتلكون تاريخًا مشتركًا مع بلد لم تختره عائلته مكانًا للعيش.

"أوديسا عراقية" هو فيلم سمير نقّاش الذي عرض مؤخرًا في مهرجان القاهرة السينمائي (11-20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري( وهو يتابع الطريق التى بدأها المخرج قبل سنوات في فيلمه السابق الجميل "إنسَ بغداد".

 على المستوى الخارجي، "أوديسا عراقية" فيلم عن الشتات العراقي. ولكن من جديد يمكننا التذكير بأن أربعة أو خمسة ملايين عراقي يعيشون خارج بلدهم، فلماذا سمير بالتحديد؟ وهذا سؤال يجمل إجابته بداخله. فيلمه شخصي بشكل صريح ولكن عالمي وجماعي في الوقت ذاته، إنه قطعة فنية متعددة المستويات حيث يمكن لكثير من جوانب التجربة المصوّرة أن تتقاطع مع بشر آخرين في شتات آخر: أين يعيش فرد معين من العائلة؟، ما الذي أتي به أتى إلى هذا المكان؟ والسؤال الأبدي عن مدى إختلاف الحياة إذا لم تحدث الهجرة من الأساس.

 من ناحية أخرى، هناك آخرين أكثر تحديدًا في تجربة الشتات العراقي مثل شخصية صدّام حسين، والعراق في وقتنا الحاضر، وخبرات وتجارب العراقيين بالخارج كما توضحها الشخصيات داخل الفيلم. ثم هناك المستوى الأخير: سمير. وبتوضيح أكثر، فإنه تحت كل مشهد من مشاهد الفيلم الوثائقي يكمن سمير :حكاياته، علاقاته، عائلته، تاريخه، وهو ما يمنح المشاهدين الفرصة لتواصل أكثر حميمية معه. هذا إذن عمل قادر على تقديم حكاية شخصية على خلفية تاريخية وسياسية في أثناء فحصه العلاقة المتأنّية والمعقّدة بين كلا الجانبين.

يخون المخرج السرد الوثائقي في معظم فترات الفيلم في سبيل المحافظة على البساطة باعطائه زمنًا أطول لرواية قصص المهاجرين من عائلته، ولكن الخلفية الشخصية مُهمّة في فهم إتساع وعمق ما يقدّمه سمير. سمير (بغداد 1955) من أب عراقي وأم سويسرية، عاش في سويسرا معظم حياته ولكن بقية عائلته –مثل أغلب العائلات المهاجرة وعبر أجيال في الشتات- تبعثروا في أماكن بعيدة مثل أستراليا ونيوزيلاندا وبريطانيا وأمريكا وروسيا. يكفي القول أن معظم أفراد عائلة سمير لا يعيشون في العراق بعد الآن، ومثله، فحكاياتهم تبدو أقل ارتباطا بالبلد نفسه منها إلى التقاطعات والمشتركات بينه وبين مكان هجرتهم. العراق الذي يتذكره سمير في طفولته لا يمت بصلة إلى العراق اليوم، ومشاهد الموسيقى والرقص والشباب الجامح والمشهد الثقافي المتنوع في بغداد منتصف القرن الماضي تجعلنا نفكّر في مدينة معاصرة يمكن الاحتذاء بها. ولكن ماذا عن اللحظة الراهنة ومصير عائلة سمير، تلك العائلة التي كانت عائلة بغدادية متوسطة فصارت عائلة معولمة يحاول أحد أبنائها لملمة ذكرياتها المبعثرة في أنحاء العالم الأربعة.

في مفتتح الفيلم، يوضّح المخرج من البداية إستحالة تغطيته كل حكاية من حكايات عائلته الكبيرة والمبعثرة. نرى الكاميرا تطالع شجرة عائلة كبيرة الحجم بشكل لافت، وببطء يتمّ تسليط الضوء على عدد قليل من الصور في شجرة العائلة ويصبح واضحًا أن هؤلاء بالتحديد هم محطّ إهتمام ما سيأتي من مشاهد الفيلم الوثائقي. هناك عنصر تراجيدي يؤطّر تاريخ سمير، وهو شيء لا تتشارك فيه جميع تجارب المهاجرين: إنه شخصي إلى حد كبير وبالنظر إلى إشتغاله على مستو وطني فبالتأكيد يحمل قدرًا من المشابهات مع تجارب أخرى. ولكن هذا التاريخ الشخصي يرزح تحت ثقل أليم صارخ وفريد من نوعه ينجح سمير في التعبير عنه في مسافة تتراوح بين الإخلاص الكامل والعاطفية المحضة.

وثائقي سمير شخصي وتاريخي في آن واحد، ويتم الاشتغال على ذلك خلال الأجزاء الثلاثة التي تتألّف منها "الأوديسا". أولًا سمير ينظر إلى جدّه، الرجل الذي قاتل البريطانيين وظلّ واحدًا من أبطال المخرج. بعد ذلك يصبح الفيلم أكثر شخصية مع دراسة المخرج لموجات الهجرة العراقية التي تصادف وجوده بداخلها في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. هناك جانب سياسي لذلك كلّه يؤطّر النصف الأخير من الفيلم، فهجرة سمير (القسم الثاني) تبدأ من وقت أتى صدّام حسين إلى الحكم بانقلاب عسكري واستمراره على كرسي السلطة طيلة ثلاث عقود، بينما القسم الثالث والأخير يبدأ من لحظة سقوط صدّام حسين.
 في تلك الفترة الممتدة لحوالي نصف قرن، يُظهر سمير تاريخًا كاملًا من النزوح والدمار بطرق -من دون وجود مثل هذا الفيلم- لا يمكن تصوّرها تقريبًا بالنسبة لمن هم خارج بلادنا العربية المنكوبة بحكّامها. من الصعب وصف ذلك ولكن "أوديسا عراقية" يقوم بعمل مذهل في هذا الصدد.


4‏/12‏/2015

One Shot: Queen of Earth (2015)


Director of Photography: Sean Price Williams

"عيون الحرامية".. استعادة الانتفاضة الثانية


في فيلمها الروائي الثاني "عيون الحرامية"، تعود المخرجة الفسطينية نجوى نجّار إلى الانتفاضة الثانية، وبالتحديد سنة 2002 لتختار بطل حكايتها. "عيون الحرامية" اسم واد شهير بين رام الله ونابلس أقام فيه الاحتلال الإسرائيلي نقطة للجيش وحاجزًا عسكريًّا، قام قنّاص فلسطيني بإطلاق الرصاص على عناصره باستخدام بندقية أمريكية الصنع، وهو التفصيل الذي اعتمد عليه الأمن الإسرائيلي -في حينه- لترجيح أن يكون المسؤول عن التنفيذ شيخًا مسنًّا شارك في الحرب العالمية الثانية، أو مقاتلًا شيشانيًا، ولكن بعد مرور عامين اتضحت هوية الشاب الفسلطيني منفذّ العملية وتم اعتقاله والحكم عليها بالمؤبد.
تتغيّر الحكاية قليلًا في فيلم نجّار الذي يتابع في ساعتين وعشر دقائق قصة منفذّ العملية الذي تغيّر اسمه من ثائر إلى طارق (خالد أبو النجا) - وتغيرت بلدته من سلواد إلى سبسطية وتغيرت ديانته من مسلم إلى مسيحي- الذي يسجن عشر سنوات في السجون الإسرائيلية ويعود إلى بلدته ليفاجأ بموت زوجته واختفاء ابنته التي أودعت في أحد دور الأيتام، لتبدأ رحلته في البحث عن ابنته في المدن الفلسطينية.
بهذا التمهيد السردي، تؤسّس المخرجة دراما فيلمها على الثيمة الشهيرة "عودة الغائب" الذي يعود إلى عالمه القديم ويصطدم بطارئ الأحداث ومستجدات الوضع. ومع كلّ خطوة ومرحلة من رحلة طارق لاقتفاء أثر ابنته المفقودة ستتشكّل بداخله صورة جديدة عن وطنه وعالمه ونفسه: يبحث طارق، الحاصل على بكالوريوس الهندسة، عن عمل فينتهي به المطاف إلى إصلاح مواسير المياه لحساب واحد من الحيتان الصغيرة لمرحلة ما بعد أوسلو يدعى عادل (سهيل حدّاد).
لدي عادل مشغل لفساتين الزفاف تعمل به عدد من السيدات من بينهن ليلى (سعاد ماسي) التي تماطل في الزواج من عادل. لدى ليلى ولد من زوجها المتغيّب قسرًا وابنة بالتبني (ملك أرميلة). تنشأ علاقة صداقة بين طارق وملك التي يرى فيها ابنته المفقودة وترى فيه أبيها الغائب، يجدان في البلياردو مساحة مشتركة للتواصل وإنماء علاقتهما، وبطريقة ما يحدث استلطاف بين طارق وليلى لينطلق شرر ما يشبه العلاقة الرومانسية لتكتمل أضلاع مثلث الحب المتصارع.

اقتراب طارق من عمل عادل يضع يده على عديد من الأمور التي تتمّ في الخفاء ليصل إلى اكتشاف تعاون ربّ عمله مع الإسرائليين لإمداد مستوطنة جديدة بالمياه في الوقت الذي تنقطع فيه عن نابلس. يتشكّل صراع الفيلم الدرامي في مثّلث أضلاعه طارق وليلى وعادل وفي القلب منه نور/ملك. يقرّر طارق فضح عادل أمام أهل البلدة في يوم زفاف الأخير على ليلى، التي رفضت سابقًا الهرب مع طارق في سبيل تأمين حياة كريمة في ظلّ عادل المتنفذّ والقادر على توفير مستقبل مطمئن للعاملة الجميلة وأسرتها الصغيرة.
"عيون الحرامية" أُنجز بمساعدة مختبر صندانس لكتابة السيناريو واختير لتمثيل فلسطين في سباق "الأوسكار" للعام الماضي، والفيلم في عرضه لحكايته المتجذّرة في الواقع المظلم للاحتلال الإسرائيلي يبدو كأحد نتاجات ورش الكتابة الهوليوودية مع قفزات سردية غير مبرّرة والحرص على نثر بعض الترميزات والإسقاطات السياسية (الحديث الدائر وقت نقل طاولة البلياردو مثلًا) وتطعيم الفيلم بقدر موسيقى أكثر من اللازم، والمحاكمة المسرحية في نهاية الفيلم، والنهاية السعيدة نفسها التي تذكّرنا بالمشهد الشهير لشادية في نهاية فيلم "شيء من الخوف".
"عودة الروح" يصلح عنوانًا بديلًا لهذا الفيلم الذي حاولت مخرجته تقديم وجه آخر لحياة فلسطينيي الداخل المحتلّ وعرض النضال الوطني للفلسطيني المسيحي ضد الاحتلال، والإشارة كذلك إلى خلل النفس الفسلطينية بوجود المتعاملين مع العدو الذين يتحايلون على قهر إرادة أبناء وطنهم في سبيل طموحهم الشخصي المرتبط بالعدو، مع تركيز المخرجة على تفاصيل اليومي والمعاش للفلسطينيين في الأراضي المحتلة بما فيه من أوقات مرح وكدر وفرجة للتأكيد على تمسّك الشعب الفلسطيني بحقّه في الحياة "العادية".
التأكيد على عروبة القضية الفلسطينية كان محور الكثير من أحاديث المخرجة، ولا يظهر ذلك في كاستينغ الفيلم فقط ولكن في الاختيارات الموسيقية التي تتناثر في الفيلم فنسمع أغاني مصرية ولبنانية وفلسطينية وجزائرية، وكأن المخرجة تقول أن ما فشلت فيه السياسة ربما ينجح الفنّ في إيجاده. خالد أبو النجا وسعاد ماسي تدرّبا لفترة على اللهجة الفلسطينية وإن كان أداء الممثل المصري أوفر حظًا في الإقناع، ولم تخلُ هذه التجربة من المشاكل سواء مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تعنّتت كعادتها في استخراج تصاريح الدخول للممثلين، أو في اتهامات بالتطبيع لاحقت الممثل المصري المعارض للنظام الحاكم.