24‏/4‏/2015

شكسبير في السينما المصرية



منذ نشأة السينما المصرية في 1907 والعامل الاجنبي الوافد كان حاضرا متمثلا في اختراع الاخوين لوميير أو مشغليه من الجاليات الاجنبية في مصر، وبسبب حداثة التجربة الأدبية العربية في ذلك الوقت فإن السينما المصرية بدأت في تمصير المحتوى الأدبي الغربي مع حركة بعض الفنانين المصريين للدراسة في اوروبا وتعلم الفنون المختلفة، وهكذا اعتمدت السينما المصري في سنواتها الأربعين الأولى على الاقتباس الأجنبي (نصوصا وأفلاما على السواء) بشكل كبير. ويظلّ المصدر الأهم لكل الباحثين عن مصادر إلهام الكثير من الأفلام المصرية المقتبسة، كتاب "الاقتباس في السينما المصرية"، لمؤلفه الناقد محمود قاسم الذي يقدّم فيلموجرافيا قيّمة للأفلام المصرية المقتبسة من أصول أجنبية في فترة تمتد بين عامي ١٩٣٣ و٢٠٠٢. ولعل الإسم الذي سيقابله القاريء كثيرا هو إسم ويليام شكسبير.
"شكسبير معاصرنا". "شكسبير صالح لكل زمان ومكان". "شكسبير مواطن عالمي". وغيرها من الجمل التي يؤمن بها النقاد والجمهور على حد السواء لتؤكد على خلود ابداع الكاتب الانجليزي وتجاوزه لحدود اللغة والجغرافيا. شكسبير الذي ترجمت أعماله إلى كلّ لغات العالم تقريبا، لم يفت السينما المصرية أن تعود إليه في أكثر مناسبة بل وتغرقه في بيئتها بطريقة قد تبدو متطرفة وكوميدية أحياناً.
 نستعرض معكم الأفلام المصرية التي اقتبست أعمال شكسبير وجعلت من شخصياته معلمة ومقاول وباشمهندش وبيه.

روميو وجولييت




قصة الحب المستحيلة بين مراهقين من عائلتين متصارعتين لا يجدان حلّاً سوى اصطناع الموت من أجل الهروب فيتحوّل ذلك الموت إلى حقيقة، قصة أغرت العديد من السينمائيين المصريين فظهرت أفلام:

"ممنوع الحب" من إخراج محمد كريم عام 1942، وبطولة محمد عبد الوهاب ومديحة يسري . وتمت معالجة القصة ضمن اطار كوميدي مرح ونهاية سعيدة لا يموت فيها العاشقين.  وقد تضمّن الفيلم أغنيتي "بلاش تبوسني في عينيا"و "يا مسافر وحدك".

"شهداء الغرام" من إخراج كمال سليم عام 1944، وبطولة أنور وجدي وليلى مراد. وهو معالجة وفية إلى حد كبير لروح النصّ الاصلي حيث جرت الأحداث في العصر المملوكي، كما أنه أبقى على النهاية المأساوية لبطلي القصة

"البدوية الحسناء" من إخراج إبراهيم لاما عام 1947، وبطولة بدرية رأفت وبدر لاما. وتمت معالجة القصة بطريقة كوميدية مفرطة في سذاجة منطقها تؤدي إلى زواج العاشقين في النهاية.

"العلمين" من إخراج عبدالعليم خطاب عام 1965، وبطولة نوال فهمي وصلاح قابيل. وحاول خلاله المخرج مقاربة أجواء القرون الوسطى، فصوّر فيلمه في الصحراء الغربية وحرص على ابراز العداوة القبلية والصراعات العائلية التي ستؤدي إلى النهاية الحزينة لقصة حب البطلين.

"حبك نار" عام 2004 و "الغرفة 707" عام 2008، وكلا الفيلمين من إخراج إيهاب راضي الذي يبدو أنه لم يهتم كثيرا بقراءة النص الأصلي فتحوّل إلى الفيلم الأمريكي الشهير "روميو وجولييت" من إخراج باز لورمان واستعار بعضا من العنف والأكشن اللذين صبغا الفيلم الأمريكي.

ترويض النمرة  

السينما المصرية استغلت بساطة القصة الشكسبيرية في التعبير عن المرأة بوجهيها الرقيق والعنيف في حكاية التاجر الثري وبناته الثلاث الجميلات وخصوصا أكبرهم وأجملهم كاترين الشرسة التي ترفض الزواج وبالتالي تتضرر أختاها الأصغر لأن الأب يرفض تزويجهما قبل زواج كاترين الكبيرة إلى أن يأتي باترشيو ليخطبها ويبدأ في "ترويضها". حكاية يسهل تخيّلها في فيلم مصري نظرا للأجواء التقليدية التي لا تزال سائدة، إضافة إلى الرؤية الذكورية التي تضمّنها القصة.

 "الزوجة السابعة" من إخراج إبراهيم عمارة عام 1950.  قدّم المخرج فيلما كوميديا ممتعا وجميلا بأداء سلس من ماري كويني ومحمد فوزي.

"المتمردة" من إخراج محمود ذو الفقار عام 1963، وبطولة صباح وأحمد مظهر. وفيه لا يتواني البطل، دكتور الحمير، عن محاولة إذلال بنت الذوات المتغطرسة.

  "آه من حواء" من إخراج فطين عبد الوهاب عام ١٩٦٢. ربما هو الفيلم الأشهر ولكن الحقيقة أن محمد أبو يوسف، سيناريست الفيلم، غيّر الكثير من الأحداث والتفاصيل فجعل الأب الثري جداً على سبيل المثال.  وقامت لبني عبد العزيز باظهار الكثير من الشراسة في مواجهة رشدي أباظة الذي لم يبخل بدوره في محاولات ترويضها.
السيناريست الراحل عبد الحى أديب عالج القصة في فيلمين لا يمتّان للأصل بصلة كبيرة
الفيلم الأول هو "جوز مراتى" من إخراج نيازى مصطفى عام 1963، بطولة صباح وفريد شوقي.
والفيلم الثاني هو "استاكوزا" من إخراج إيناس الدغيدى عام 1996، وبطولة رغدة وأحمد زكي اللذان قدما مباراة جريئة في إذلال الآخر في أجواء فرويدية ليست غريبة على المخرجة.

عطيل

القصة التراجيدية عن الغيرة القاتلة، غيرة الزوج المخدوع على زوجته البريئة الشريفة، وغيرة الصديق من صديقه، وجدت من يتلقفها لينسج من قماشتها الخام أعمالا تتفاوت في إخلاصها للعمل الأصلي.

"الشك القاتل" من إخراج عز الدين ذو الفقار عام 1953 ، وبطولة مريم فخر الدين ومحمود ذو الفقار ومحسن سرحان. زوج يشك في علاقة زوجته بصديقه المخلص، وينتهى الأمر بأن يقتل الزوج نفسه بعد تأكده من إخلاص زوجته ، وتتزوج الزوجة من الصديق !

"المعلمة" من إخراج حسن رضا عام 1958. من بطولة تحية كاريوكا ويحيي شاهين ومحمود المليجي. معالجة شعبية يصبح فيها عطيل المعلم عباس وديدمونة تتحول إلى المعلمة توحة، فيما تكفّل المعلم حافظ بلعب دور ياجو الذي يكيد للايقاع بين المعلم عباس وزوجته.

"أبو أحمد" من إخراج حسن رضا عام 1960، وبطولة أمل فريد وفريد شوقي وعمر الحريري. التجربة الأولى لعبد الحي أديب في اقتباس أعمال شكسبير تتحوّل إلى مثلث حب كلاسيكي في أجواء ساحلية سكندرية.

"الغيرة القاتلة" من إخراج عاطف الطيب في أولى تجاربه الاخراجية عام 1982.من بطولة نور الشريف ويحيي الفخراني ونورا. وهنا يصبح عطيل مهندسا شابا، وياجو الحاقد يصبح الباشمهندس مخلص وديدمونة المسكينة  تتحوّل إلى دينا، زميلة الجامعة، التي تتزوج المهندس الشاب الطموح وتتأزم علاقتهما بسبب مكائد مخلص.

الملك لير

قصة الملك الانجليزى الذى قرر تقسيم ملكه على بناته الثلاث ويطرد احداهن لاعتقاده بانها لا تحبه، بينما تقوم بنتيه بالوقوف ضده في النهاية وطرده من المملكة لتعود ابنته المطرودة لتساعده. تغيّرت تفاصيل القصة لتتناسب مع رؤية المخرجين والكتاب الذين حوّلوا شخصياتها وأضافوا إليها كذلك، فصار الملك االانجليزي مِعلّما، وقاضٍ.

"الملاعين" للمخرج أحمد ياسين، والذي أنتج عام ١٩٧٩، من بطولة فريد شوقي. السيناريست عبد الحي أديب غيّر من جنس الأبناء وأضاف تفاصيل غير موجودة في النص الشكسبيري، فصارت كورديليا الابنة الصغرى التي عطفت على والدها بعد طرده من قصره، صارت ابنا وفيا لوالده (مصطفي فهمي) في مقابل جحود أختيه. والملك لير أصبح المعلم آدم الاسناوي وأخيرا نهاوية مأساوية غارقة في الدموية.

"حكمت المحكمة" من إخراج أحمد يحيي عام 1981 من بطولة ماجدة الخطيب ويسرا ويوسف شعبان وفريد شوقي. الأخير قام بنفسه بكتابة السيناريو بنفسه  وحوّل الملك لير (الذي يقوم بدوره) إلى قاض على المعاش يتزوج من ممرضته الشابة ما يتسبب في المشاكل مع ابنتيه إلى أن يتنازل عن ثروته بحثا عن حياة جديدة مع زوجته الجميلة.
ويذكر أنه في العام الماضي ظهر مسلسل تليفزيوني تحت إسم "دهشة" من بطولة يحيي الفخراني، اقتبست فكرته الأساسية من مسرحية شكسبير.


وأخيرا فإن هاملت، مسرحية شكسبير الأشهر، والتي شغف بها يوسف شاهين طيلة حياته ولم يجرؤ على تقديمها في فيلم سينمائي، قدّمتها السينما المصرية في مناسبة واحدة في فيلم "يمهل ولا يهمل" من إخراج حسن حافظ  عام 1979 . من بطولة نور الشريف وفريد شوقي ومريم فخر الدين وميرفت أمين. وأيضا تم العبث بالقصة الأصلية  لتتحوّل إلى حدوتة بوليسية للبحث عن قاتل الأب. يترك الأمير الدنماركي الأجواء الارستقراطية ويأتي إلى أحد الأحياء الشعبية، فيما الملك المغدور به من قبل زوجته يصبح تاجراً ثرياً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق