2‏/4‏/2015

ساندويتش كياروستامي




لقطات طويلة وعالية للمناظر الطبيعية الإيرانية بينما تجتاز لانج روفر بديع التلال في دروب ملتوية. السماء (حتى المشهد الأخير) نادراً ما تُرى. يبقى بديع بالخارج دائماً يرفض دخول الاماكن المغلقة (متحف المحنّط أو وحدة الجندي). مظاهر الحضارة والتكنولوجيا يتم اختزالها في في آلات عملاقة تبدو  وكأنها صمّمت خصيصاً لنقل القمامة والحجارة من مكان لآخر

السيد بديع (اضطلع بالدور همايون أرشادي، مهندس معماري صديق لكياروستامي)، رجل في منتصف عمره يمضي الكثير من وقت الفيلم في القيادة خلال التلال المحيطة بطهران باحثاً عن من يساعده على الانتحار. خطته أن يأخذ جرعة زائدة من الحبوب المنوّمة ثم يبقى بعد ذلك في حفرة صنعها لنفسه ولكنه بحاجة لشخص يأتي إلى مكان الحفرة في الصباح التالي ليواري جسده التراب (إذا نجحت الخطة) أو  إخراجه من الحفرة (إذا فشلت).
يمكن تقسيم الفيلم إلى ثلاثة اجزاء؛ في كل منها يشرح السيد بديع الخطة إلى شريك محتمل: الأول جندي كردي شاب يعترض على الخطة ويتعجّب من تفكيره وبفعل الخوف يترك السيارة جرياً. الثاني طالب دين أفغاني في ثلاثينيات عمره يعترض على الخطة لأسباب دينية والثالث محنّط عجوز في متحف التاريخ الطبيعي يوافق على المساعدة بسبب حاجته إلى المال لعلاج طفله المريض. ينتهي الفيلم دون الكشف عن مصير السيد بديع وبدلاً من ذلك نراه مستلقياً في قبره المحتمل حتى يقطع كياروستامي على لقطة فيديو لمخرج (كياروستامي نفسه) وطاقمه يسجلون أصوات قوات عسكرية مترّجلة.
أعتقد أن "طعم الكرز" يمكن الحاقة بسهولة بالواقعية الجديدة Neo-Realism لدى سيكا وروسليني وراي وجميعهم مثل كياروستامي يوظفون ممثلين غير محترفين (مؤديين)، يصوّرون خارج الاستديو غالباً ويركزون كاميراتهم على حياة "حقيقية" مبعدين السنتمنتالية الذاتية لصالح الموضوعية (استخدام الصوت بصفة خاصة). هنا يضيف كياروستامي لمسة مابعد حداثية لفيلمه وكأنه يقول "هذا مجرد فيلم". البعض انتقد الحركة ولكني أتفق مع روزنباوم.
يعيد كياروستامي تمثيل الحياة بكامل تعقيدها الغني ويعيد تشكيل عناصر من الـ"تسعين دقيقة تصوير" السابقة لتوضيح ما هو حقيقي وماهو ملفّق/متخيّل/مُعد. أبعد من التأكيد على أن "طعم الكرز" هو "فقط"  فيلم فإن هذه النهاية الرائعة -في نظري- تقول من ضمن ما تقوله: إنه "أيضاً" فيلم.

في حوار تضمّنه اصدار كريتريون للفيلم؛ يقول كياروستامي أنه يحبّ الأفلام التي قد تسبب نعاساً للمشاهدين ولكنها تطاردهم حين يعودون إلى منازلهم. ضحكت كثيراً حين سمعت ذلك بسبب تجربتي الشخصية مع "طعم الكرز". لقد صارعت في الصباح التالي لمشاهدتي الفيلم مع ذلك المحنّط العجوز: فإذا كان كياروستامي يقول من خلاله أن الحياة تستحق أن تُعاش بسبب من اللذّة الحسّية (طعم الكرز) أو بسبب العلاقات الانسانية (أسرته وعائلته) إذا الفيلم doesn't realy work for me. ولكن سماع قصة المحنّط "المُرتّبة" بين محادثة اللاهوتي وخاتمة الفيلم؛ جعلتها أكثر إثارة للاهتمام ومثيرة للاعجاب أيضاً. إنه ذلك الحوار بين الإيمان والانسانية و(ربما) الجماليات aesthetics هو ما يتحدث إلى شخصياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق